تثير التغييرات في سوريا بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، تساؤلات حول تأثير ذلك على الحرب في قطاع غزة، والتي كانت تنظر إليها حركة حماس إلى أنها فرصة لتطبيق استراتيجية "وحدة الساحات" لكافة أذرع ما يسمى "محور المقاومة" الذي تقوده إيران. لكن ما بدا أنه "نصر عسكري" وفق ما كانت تروج له حماس بعد الفترة القليلة التي تلت الهجوم، تحوّل إلى ضربات موجعة طالت كافة أطراف المحور الإيراني، بدءاً من حماس في غزة وصولاً إلى طهران ذاتها.
ومع انتقال الحرب إلى لبنان تلقى حزب الله هناك وهو الذراع الأهم والأبرز لإيران، ضربات عسكرية وسياسية قاسية، بعد إضعاف قدراته من جهة وتصفية قيادته العسكرية والسياسية، كما أن إيران تلقت هجوماً طال منظومة صناعتها للصواريخ الباليستية، والدفاعات الجوية الاستراتيجية لطهران.
لكن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، والذي كان حدثًا غير متوقع بالنسبة لإيران، وتلتزم حماس الصمت حياله، قد يدفع طهران لممارسة ضغوط قصوى على الحركة من أجل التوصل لصفقة تنهي الحرب في غزة، وفق ما يقول مراقبون.
ورغم "الصدمة" التي تعيشها إيران وحلفاؤها، إلا أنه يُنظر على نطاق واسع إلى سقوط الرئيس السوري على أنه امتداد للنتائج السلبية التي خلّفها هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
نتائج عكسية ويقول المحلل السياسي محمد المصري، إن "عملية طوفان الأقصى التي بدأتها حماس أدت لتغييرات كبيرة في المنطقة، ولكنها كانت نتائج عكسية بالنسبة للمحور الذي تقوده إيران، والذي كانت حماس جزءاً منه".
وأضاف لـ24، أن "النتائج كانت عكسية وكارثية على محور إيران، ما سيدفع طهران لممارسة الضغوط القصوى على حماس من أجل إبرام صفقة تنهي الحرب في غزة وتبرّد الجبهات المشتعلة في المنطقة على إثر هذه الحرب". سيناريوهات استراتيجية إيران بالمنطقة بعد سقوط الأسد - موقع 24اهتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية، صباح اليوم الأحد، بالتطورات في سوريا، وعرضت سيناريوهات تغيير إيران لاستراتيجيتها في المنطقة التي تعرضت معظمها لضربات قوية، آخرها سقوط النظام السوري حليف الإيرانيين. وتابع "إيران ستعمل وفق مسارين متوازيين، الأول محاولة الوصول لأقصى درجة من الهدوء في الملفات المرتبطة بها في الشرق الأوسط قبل قدوم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) العام المقبل"، لافتاً إلى أن ذلك سيشمل الوصول لتهدئة في غزة بأي ثمن.
وأشار إلى أن هذا المسار سيتزامن معه "خطوات بعيدة المدى" تحاول من خلالها طهران ترميم القدرات الفاعلة لدى حزب الله في لبنان، باعتباره ورقة ضغط مهمة كانت تردع إسرائيل عن مهاجمة إيران.
وأضاف أن "المسار الثاني سيكون باتجاه تسريع الخطوات نحو حيازة سلاح نووي، باعتبار أن هذا هو الذي سيشكل ورقة حصانة للنظام في طهران من استهدافه". مصلحة مشتركة بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي إياد أسعد، أن التوصل لاتفاق ينهي الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ 14 شهراً أصبح مصلحة مشتركة وملحة لحماس وإيران على حد سواء.
وقال لـ24 إن "حماس وصلت لقناعة أنها لم تعد قادرة على خلق فعل عسكري مؤذٍ لإسرائيل، لا داخل قطاع غزة، ولا حتى في المدن الإسرائيلية التي كانت تقصفها الحركة بالصواريخ، وكذلك استنفذت خيارات تدخل حلفائها في المنطقة". إيران تعيش حالة من الفراغ الاستراتيجي - موقع 24تناول جون راينك، مستشار أول في مجال البحوث الجيوسياسية، في تحليل مفصل كيفية إجبار الحملات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة إيران على إعادة تقييم حاسمة لاستراتيجيتها الجيوسياسية بعد قيام إسرائيل بشن عدة ضربات قوية ضد الدفاعات الجوية الإيرانية وأنظمة الصواريخ التي تمتلكها والقدرات العملياتية لجماعات ... وأضاف "إيران ستحاول إقناع حماس بالتوصل لاتفاق يلبي مطالب الحركة ولو بالحد الأدنى، بعد أن فشلت التدخلات الخارجية في أن تخلق معادلات تصب لصالح ميزان قوة حماس، أو أن تفرض أدوات ضاغطة تجبر إسرائيل على القبول بما كانت تطلبه الحركة".
ويشير إلى أن كافة المؤشرات تشير إلى اقتراب حماس باتفاق للتهدئة في قطاع غزة، وبسقف أقل مما كانت تعرضه سابقاً، معتبراً أن ذلك نتيجة قناعات تولّدت لدى الحركة بأنها لن تستطيع تحقيق المزيد عسكرياً.
وأوضح أن "أقصى ما يمكن أن تحاول حماس تحقيقه أي شكل من أشكال المشاركة في إدارة حكم غزة"، معتبراً أن هذا المطلب قد يكون عامل إحباط لجميع مساعي التوصل لاتفاق ينهي الحرب في قطاع غزة.