ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد قد يؤدي إلى إشعال ديناميكية من الاضطرابات الداخلية التي تتحدى النظام الإيراني أكثر من أي وقت مضى. واعتبرت جيروزاليم بوست أن القيادة الإيرانية كانت تتعامل بـ"غطرسة" في الفترة الماضية، خصوصاً عندما نشر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، على موقع "إكس" في 25 سبتمبر (أيلول)، بعد أسبوع من انفجار أجهزة النداء واللاسلكي في أيدي عنصار تنظيم حزب الله في جميع أنحاء لبنان، قائلاً إن "حزب الله هو المنتصر"، معتبرة أنها أكثر المنشورات غير الدقيقة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضافت أنه نشر بعد بضع ساعات مرة أخرى أن "جبهة المقاومة وجبهة حزب الله المنتصران النهائيان في هذه المعركة"، ولكن بعد يومين، اغتيل زعيم حزب الله وتلميذ خامنئي، حسن نصرالله، وبعد شهرين من ذلك، فر الرئيس السوري بشار الأسد، الذي كان يشكل المحور الرئيسي لما يسمى بـ"جبهة المقاومة الإيرانية"، إلى روسيا، بعد أن سقط نظامه.
وبعد الأحداث التي وصفتها الصحيفة بـ"الانهيار الجليدي"، تصدرت إيران قائمة الخاسرين، ويليها حزب الله، أما روسيا التي دعمت الأسد فلا تقل خسارتها عن إيران، ولكن استثمارها في البلاد وفي حزب الله لم يكن بحجم استثمار إيران. إيران تهدد بالرد على "آلية الزناد"https://t.co/gZMjQ1lWc1 — 24.ae (@20fourMedia) December 10, 2024 خسارة فادحة ووصفت الصحيفة خسائر إيران بـ"الفادحة"، بعد الإطاحة بـ"جوهرة التاج" في محور المقاومة الذي أنفقت إيران عليه مليارات الدولارات على مدار 35 عاماً لبناء قوة موازنة لإسرائيل والنفوذ الأمريكي في المنطقة، وأدى تقويض هذه الجوهرة إلى تفكيك المحور بشكل فعلي.
وقالت إنه لا شك أن الحوثيين ما زالوا موجودين، وكذلك الميليشيات في العراق، وحزب الله الذي أصبح ضعيفاً للغاية، ولكن ما كان ذات يوم محوراً موحداً للمقاومة تحول إلى مجموعة من القوى غير المترابطة، وتبخر تقريباً كل التماسك والفائدة الاستراتيجية والقوة الإيديولوجية التي كانت تحدد ذات يوم شبكة الوكلاء الإقليميين لإيران.
وقالت إنه من الواضح للجميع أن قدرة إيران على فرض قوتها في المنطقة قد تقلصت بشكل هائل، وأن مخططاتها للهيمنة تراجعت سنوات ضوئية، مؤكدة أن هذا له علاقة بالتأثير الذي خلفه سقوط الأسد على السياسات الخارجية الإيرانية، ولكنها تساءلت: "لكن ماذا عن التطورات الداخلية؟ ما هو التأثير، إن وجد، الذي قد يخلفه سقوط الأسد على التطورات الداخلية الإيرانية؟".
تأثير سقوط الأسد على الداخل الإيراني وتقول الصحيفة إن سقوط الأسد يمثل انتكاسة استراتيجية كبيرة لإيران، ولكن ليس هذا فحسب، فمن المرجح أن يكون له تأثير داخلي ضخم أيضاً، مضيفة أنه على الرغم من أنه سابق لأوانه القول إن التطورات في سوريا سيكون لها تأثير في إيران، وعلى الرغم من أن إيران دولة أكبر بكثير ولديها جيش قوى وجهاز أمن داخلي وتظل قوات المعارضة هناك منقسمة وتفتقر إلى القيادة المركزية، إلا أنه على أقل تقدير أن التطورات الأخيرة ستعزز بالتأكيد معنويات المعارضة في إيران، والتي قد تستنتج أنه إذا كان الأسد يمكن إسقاطه، فيمكن لخامنئي أيضاً أن يسقط.
وعلاوة على ذلك، فإن الطريقة الخاطفة التي سقط بها نظام كان في السلطة لعقود من الزمان يمكن أن تكون بمثابة إلهام قوي للإيرانيين الساعين إلى التغيير في بلادهم، وكما اعتقد العديد من السوريين أنه لا يمكن القيام بذلك أبداً، فإن العديد من الإيرانيين لا يستطيعون تخيل سقوط النظام الإيراني، وقد تمنحهم الأحداث في سوريا على مدى الأيام العشرة الماضية الأمل. عودة ترامب وقالت، إن الديناميكية الإقليمية المتغيرة، جنباً إلى جنب مع العودة المرتقبة للرئيس المنتخب دونالد ترامب بعد أكثر من شهر بقليل، يمكن أن تزيد من تعقيد الوضع الداخلي للحكومة الإيرانية، مضيفة أن الضغوط الدولية المتزايدة قد تؤدي إلى تفاقم الوضع الاقتصادي الصعب بالفعل، مما يؤدي إلى زيادة السخط الداخلي.
تأزم الوضع الاقتصادي ورأت أن خسارة سوريا تزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي الإيراني، حيث إن خسارة الموانئ على الساحل السوري، وطرق التجارة الاستراتيجية عبر سوريا، تشكل انتكاسة خطيرة للاقتصاد، موضحة أن إيران استثمرت مليارات الدولارات في سوريا "ألقيت في البالوعة".
بالإضافة إلى ذلك، زودت إيران سوريا بالكثير من نفطها، وقد يكون لسقوط الأسد تأثير كبير على عائدات النفط الإيرانية، فضلاً عن أن فقدان الامتيازات الاقتصادية في سوريا سيكون بمثابة ضربة قوية للاقتصاد المتعثر بالفعل.
وتابعت أن "انهيار حليف مثل الأسد من شأنه أن يسلط الضوء على الضعف المحتمل للحكومة الإيرانية، وهو التصور الذي قد يشجع الإيرانيين على النظر إلى قادتهم على أنهم أكثر عرضة للضغوط مقارنة بالماضي، كما أن الضربات التي تلقتها إيران على أيدي إسرائيل، وعجزها عن منع سقوط الأسد، يقدمان النظام لشعبه على أنه ضعيف". كم تبلغ ثروة #بشار_الأسد وأين توجد؟https://t.co/C8S0qhM3lo pic.twitter.com/H3RE4f47bi — 24.ae (@20fourMedia) December 10, 2024 تنشيط المعارضة الإيرانية وتوقعت أن الأحداث في سوري تعيد تنشيط المعارضة الإيرانية، التي كانت هادئة نسبياً منذ ما يسمى بـ"احتجاجات الحجاب" في عام 2022، وقد يُنظر إلى سقوط الأسد على أنه دليل على أنه مع بذل المزيد من الجهود والمساعدة من القوى الخارجية، يمكن الإطاحة حتى بالأنظمة الراسخة مثل تلك الموجودة في إيران.
وأشارت إلى أن إيران لديها تاريخ من الاحتجاجات التي أثارتها عوامل مختلفة، بما فيها المشاكل الاقتصادية، والقضايا السياسية، والمخاوف بشأن المياه، مضيفة أن الانتكاسات الحالية التي تعاني منها البلاد، حيث يرى السكان أن مليارات الدولارات التي استثمرتها إيران في مشاريعها بالوكالة تتلاشى، يمكن أن تغذي الغضب مما يؤدي إلى المزيد من الاضطرابات، مستطردة: "هذا أيضاً شيء يعرفه قادة إيران جيداً، ولهذا السبب من المرجح أن يضاعفوا جهودهم للسيطرة على أي اضطرابات متصاعدة، وفي هذه الحالة، قد يستجيب النظام الإيراني بعدد من الطرق المختلفة".
كما أوضحت أن أحد السبل لتحقيق ذلك هو زيادة القمع لمنع أي انتفاضة مستوحاة من سوريا، وهناك احتمال آخر يتمثل في تقديم بعض الإصلاحات السطحية أو التنازلات لمحاولة استرضاء المحتجين المحتملين.
أما السيناريو الثالث والأكثر خطورة، من منظور إسرائيلي، فيتمثل في الدفع السريع نحو الأسلحة النووية، ومع شعور طهران بإغلاق الجدران عليها، فقد تستنتج أن الردع النووي وحده قادر على تأمين بقاء النظام، ولكن زعماء إيران، يدركون بكل تأكيد أن مثل هذه الخطوة قد تدفع إسرائيل إلى توجيه ضربة مدمرة.