أكد محمد توفيق بن سلطان، عضو مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمجموعة «تاول العالمية القابضة»، التي تأسَّست 1866 بسلطنة عمان ومن طليعة الشركات الخليجية عملاً بالكويت بمنتصف الأربعينيات، أن السوق الكويتي من أهم الأسواق الواعدة في المنطقة، لما تمتلكة الكويت من مقومات تاريخية جعلتها درة الخليج آنذاك، معرباً عن فخره بأن المجموعة مملوكة للجيل الخامس من عائلة واحدة، حيث ورثت هذا الإرث العريق بعد أكثر من 155 عامًا من الإصرار وتلاحم الأسرة، مبينا أن الجيل يعمل جاهداً للحفاظ عليه كجزء من هويتنا وتاريخنا العريق لتحقيق الأهداف التجارية.
رسالة بتاريخ مارس 1969 تبيّن سيطرة المجموعة على سوق الأرز عالمياً
وأضاف بن سلطان، خلال مؤتمر صحافي، عُقد في مقر مجموعة «تاول» العالمية القابضة لإلقاء الضوء على عملية إعادة هيكلة المجموعة، أن الخطط المستقبلية للشركات التابعة لها تسير بخطى ثابتة لتحقيق الأهداف المنشودة من خلال رؤى مستقبلية ثاقبة، مع التركيز على كيفية حماية كياناتها واستدامتها في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.
وذكر أن الاستراتيجية التي تقوم عليها خطط المجموعة تحرص على تنفيذ رؤية اقتصادية حديثة وشاملة لتطوير وتعزيز مركزها التجاري التنافسي، مؤكداً ضرورة تعزيز الحوكمة لضمان استمرارها ونجاحها عبر الأجيال.
محل المجموعة في أواخرالأربعينيات بالشارع الجديد (عبدالله السالم حالياً)
وقال بن سلطان: إن انعقاد هذا المؤتمر يأتي خطوة مهمة لتسليط الضوء على الدور الريادي لمجموعة «تاول» في تعزيز استدامة الشركات العائلية، ودفع عجلة النمو الاقتصادي في الكويت، لافتاً إلى أن المستجدات الاقتصادية في السوقين المحلي والإقليمي جعلت المجموعة تحرص على اختيار أفضل الفرص ذات القيمة المضافة، والتي تمكنها من تعزيز دورها التجاري الرائد.
واستطرد قائلا: اتخذت المجموعة عدة وسائل فعالة لتحقيق رؤيتها المتمثلة في خطط إدراج الشركات والاتجاه نحو تمكين الكفاءات الكويتية، مبينا أن الرؤية المستقبلية تكمن في إدراج عدد من شركاتها في بورصة الكويت خلال السنوات العشر القادمة، ضمن رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز الشفافية، وجذب الاستثمارات، والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني.
وبيَّن أن عملية الإدراج ستبدأ بمجموعة «متكو» القابضة بحلول عام 2030 في سوق الكويت للأوراق المالية، بعد استيفاء كل المتطلبات والإجراءات المتعلقة بضوابط وشروط الإدراج، كما نتطلع لإدراج مجموعة «البستان» القابضة بحلول عام 2035، ما يمثل خطوة إضافية نحو تحقيق أهدافنا الإستراتيجية على المدى الطويل.
وذكر أن شركة «تاول» العالميّة القابضة انطلقت بأعمالها في الكويت أبريل 2005، بهدف توحيد مختلف نشاطاتها ضمن سلسلة شركات المجموعة التي تعود نشأتها لعام 1947، وقد كان ذلك حين توجه المرحوم أحمد بن سلطان للحج، والتقى هناك العم المرحوم أحمد زيد السرحان، الذي شاركه رؤية الفرص الواعدة في الكويت، وأقنعه بفتح فرع للمجموعة.
«تاول» قصة إرث ونجاح لأجيال
وأشار بن سلطان إلى أن مجموعة (تاول) دخلت السوق الكويتي بمجموعة من الوكالات التجارية الرائدة، منها زيوت كاسترول وشركة التبغ العالمية (آر جي رينولدز)، فضلا عن كونها المورد الوحيد للأرز البسمتي عالميًا (أرز تاول)، إضافة إلى أنها وكيل لشركات ملاحة بحرية كبرى، ما عزز من مكانتنا كشريك إستراتيجي في السوق الكويتي.
ولفت إلى أن المجموعة واجهت خسائر كبيرة خلال الغزو الصدامي الغاشم، إلا أن الإصرار والتفاني أعادا الأمل لاستمرار نجاحها بقيادة توفيق أحمد بن سلطان (رئيس مجلس إدارتها)، ومنها عملية إعادة البناء بعد التحرير، مستندًا إلى سمعة طيبة وثقة بنكية وتجارية دعمتنا خلال أصعب المراحل.
صورة تظهر أن المجموعة من أول المودعين في بنك الكويت الوطني
واستطرد قائلا: إن ما سبق ليس مجرد سرد لتاريخنا، بل شهادة حية على إرث عائلي قوي، وقيم صلبة قادتنا نحو التقدم والاستدامة.
رؤية واستدامة
وتابع بن سطان: تماشياً مع الطفرة الاقتصادية المتوقعة، فقد أعدنا هيكلة مجموعة «تاول العالمية القابضة» لتكون أكثر استعداداً لتحقيق رؤيتنا الطموحة لعام 2035، التي أعدت وفقاً للمعطيات الاقتصادية، والتي وضعت لتحقيق هدف المجموعة لتعزيز ريادتها في القطاعات التي تعمل بها في دولة الكويت لتحقيق نمو مستدام يواكب التغيرات العالمية.
وحول شركات وقطاعاتها أشار بن سلطان إلى أنها تتألف من خمس شركات قابضة، كل منها متخصص في مجاله، لضمان التميز والكفاءة في الأداء وتلك المجموعات الاقتصادية هي:
الأولى- مجموعة البستان القابضة، وتختص بعدة نشاطات اقتصادية بمجالات المواد الغذائية، والاستهلاكية، والتبغ، وتتمتع بشراكات تاريخية مع علامات تجارية عالمية منها: (فيريرو الإيطالية، مالكة “نوتيلا” و”كيندر” والشركة اليابانية للتبغ) ثاني أكبر شركة تبغ عالميًا، المالكة لـ ”وينستون”، “كامل”، و”هاي لايت” وبالزن الألمانية، مضيفا أنها تضم شركة البستان اللوجستية، لتقديم حلول تخزين وتوزيع بمعايير عالمية وشركة براند أيد، المتخصصة في تسويق المنتجات الغذائية والاستهلاكية.
وأوضح أن الثانية - هي مجموعة «سيل القابضة» التي تتخصص في تقديم حلول مبتكرة من خلال شركاتها المتخصصة في أجهزة التغليف والمعدات اللوجستية، والأجهزة الإلكترونية الموجهة لقطاعات مثل: البنوك والمستشفيات وإدارة النفايات بطرق مستدامة.
وتابع أن الثالثة - هي شركة «تاول لإدارة المرافق والعقارات» المتخصصة في إدارة مرافق المجموعة التي تساعد في سرعة إنجاز الأعمال الإدارية والتي تساعدها في تحقيق هدفها وتتمثل تلك المرافق في: (المخازن، والمكاتب، وسكن العمال)، وذلك كله لضمان العمل وفق أعلى معايير الجودة والاحترافية التي من شأنها إنجاح رؤية مجموعة تاول 2035.
وأفاد أن الرابعة - هي شركة «مجموعة تاول التجارية»، حيث تعمل هذه المجموعة على تعزيز شراكاتنا مع كبريات الشركات العالمية، مثل (أصباغ جوتن النرويجية) وشركات عالمية أخرى ذات سمعة قوية.
وأشار بن سلطان إلى أن الخامسة - هي مجموعة (متكو القابضة)، وتتخصص في المجالات التكنولوجية والتي يعتمد عليها في تحقيق طفرة اقتصادية وتقدم تكنولوجي لخدمات المنطقة وتضم شركات متخصصة في المجالات الآتية: الهندسة والاتصالات، وتقنية المعلومات والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، والنفط والغاز والأمن السيبراني، مبيناً أن هذه المجموعة تتمتع بشراكات إستراتيجية مع كبريات الشركات العالمية مثل NEC اليابانية، Avaya، Aviat.
إستراتيجية 2035
أكد بن سلطان أن رؤية مجموعة «تاول العالمية القابضة» للسنوات القادمة ترتكز على المهنية، وتفاني فريق العمل الذي يزيد عن 2000 موظف، مما أسهم في تحويل الأفكار الإبداعية إلى إنجازات حقيقية وتأسيس أعمال تجارية فعالة في الشرق الأوسط وإفريقيا، مشيرا إلى أن علاقات المجموعة الواسعة مع شركائها عززت انتشار منتجاتها وخدماتها، مما دعم تواجدها في السوقين الكويتي والإقليمي.
وأضاف أن المجموعة تسعى لتحقيق مزيد من التطور عبر تعزيز الكفاءة التشغيلية، بناء شراكات إستراتيجية جديدة، دعم الابتكار، وتحقيق نمو مستدام، مع الالتزام بخطط واضحة تعكس الريادة وتقديم قيمة مضافة لمجتمعاتها.
تكويت الوظائف
وفيما يتعلق بحركة توظيف الكفاءات الوطنية بالمجموعة أشاد بن سلطان بالشاب الكويتي، مؤكدا أنه يمتلك القدرات والثقافة العالية في شتى المجالات الاقتصادية، ما يجعلنا نهتم بتكويت الوظائف في المرحلة المقبلة، مبينا أنه يختلف تمامًا مع من يدعي أن الشباب الكويتي لا يرغب في العمل بالقطاع الخاص، لأنه مستعد للتحدي والإبداع عند توفير الفرص المناسبة والدعم اللازم، وهدفنا من خلال هذه الخطوات تعزيز التنمية المستدامة، والارتقاء بمستوى العمل المؤسسي، بما يخدم المصالح الوطنية ويحقق تطلعات الجميع.
صمام أمان
وأكد بن سلطان أن الشركات المساهمة المقفلة هي الخيار الأمثل لحماية الشركات العائلية، خصوصا تلك التي وصلت ملكيتها إلى الجيل الثالث، لما تضمنه من استمرارية وتجنب النزاعات بين الورثة أو بسبب خلافات إدارية، موضحاً أن تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة مقفلة يحافظ على استقرارها، ويمنع النزاعات المالية أو الإدارية، حيث ينظم القانون من خلال نظام أساسي متين ينظم العلاقة ما بين المساهمين والشركة وأبرزها آلية بيع وشراء الأسهم دون التأثير على الكيان وإدارته، مع ضمان حقوق المساهم في حضور الجمعيات العمومية أو المطالبة بعقدها عند الحاجة.
قانونية الكيانات
وشدد على أن التحويل من شركة ذات مسؤولية محدودة إلى شركة مساهمة مقفلة يُحدث تغييرًا جذريًا في العلاقة بين الأطراف. ففي الشركات ذات المسؤولية المحدودة، يتمتع الشركاء بسلطات قد تُهدد الكيان في حال النزاعات، بينما تفتقر إلى الحوكمة الفعّالة.
وأضاف أن الشركات المساهمة المقفلة تتميز بهيكل قانوني شبيه بالشركات المدرجة، حيث تُفرض الحوكمة على جميع المساهمين، مما يحمي حقوق الجميع، خصوصا صغار المساهمين. وأبرز المزايا تشمل حقوق المساهمين، وحرية التصرف بالأسهم، وإدارة أكثر حوكمة.
وأشار إلى إمكانية تطبيق قوانين هيئة أسواق المال طوعًا لتحقيق توازن بين الاستقلالية والحوكمة المثلى، مما يعزز استقرار الشركة واستدامتها عبر الأجيال، مؤكدًا أن التحويل ليس إجراءً قانونيًا فقط، بل هو خطوة إستراتيجية للحفاظ على إرث العائلات وضمان استمراره في عالم الأعمال.
كيانات عائلية ناجحة
وأشار بن سلطان إلى أمثلة ناجحة محليًا وخليجيًا وعالميًا في بقاء الكيان التجاري دون الحاجة لبقاء الملكية داخل العائلة نفسها، قائلاً: «محليًا، هناك شركة علي الغانم للسيارات مثال واضح على نجاح الكيانات التجارية بعيدًا عن حصر الملكية بالعائلة، وخليجيًّا نرى أمثلة مثل بنك الراجحي وصناعات الزامل، وعالميًّا هناك أمثلة بارزة مثل سلسلة مطاعم ماكدونالدز، وشركة ديزني، وفورد، وبروكتر آند جامبل».
أهمية التوعية بالقانون
وألمح بن سلطان إلى أن التوعية بأحكام هذا القانون تُعد أمرًا ضروريًا لجميع المساهمين، حيث إن فهم القوانين الجديدة وتطبيقها بشكل صحيح يضمن استقرار الشركات واستدامتها على المدى الطويل.
ووجّه بن سلطان نصيحة للمساهمين قائلا: أنصح جميع المساهمين بعدم توظيف أبنائهم في الشركات العائلية التي يمتلكونها مباشرة، إلا بعد أن يكتسبوا خبرة عملية لا تقل عن 5 سنوات في شركات أخرى خارج إطار العائلة، حيث إنّ هذا الشرط يهدف لتعزيز الكفاءة، ومنع التضارب، وضمان استدامة الشركات العائلية بعيدا عن أي مؤثرات غير مهنية، لافتا إلى أن هذا القانون يمثل خطوة نحو تحقيق التوازن بين المصالح الفردية والمصلحة العامة، وهو ضرورة لاستمرار الكيانات العائلية على أسس قوية ومستدامة.
صراعات تجارية
في تعليق على الصراعات بين بعض العائلات التجارية، قال بن سلطان: هناك قصص عديدة نسمع عنها دون معرفة تفاصيلها بالكامل، ولكن أرى أن تجاهل حق المرأة في الشركات العائلية خطأ كبير، كما أنّ إجبار المرأة على التخارج، حتى بتقييم عادل، يؤدي إلى صراعات مستقبلية. للمرأة الحق الكامل في البقاء كمساهمة وتوريث أسهمها، وفقًا لما أمر به الله في الميراث.
وحول أخطاء بعض النساء، أضاف: «إدخال الأزواج في خلافات مع الإخوة خطأ كبير. الأخ وقار واحترام، وحقوق المرأة محفوظة بالكامل في الشريعة الإسلامية التي حدّدت الميراث والحقوق بوضوح”.
الكفاءة... أولاً
أكد بن سلطان أن التوظيف داخل الشركة يجب أن يكون مبنيًا على الكفاءة والقدرة على الأداء الوظيفي، وليس على الروابط العائلية أو القرابة، لضمان استمرار ونجاح الكيانات الاقتصادية. وأضاف أن القوانين تنص بوضوح على عدم جواز منح أي منفعة لأقارب الدرجة الأولى أو الثانية، حفاظًا على النزاهة والعدالة، ومنعًا لتعارض المصالح أو الشكوك حول الحيادية.
وشدد على أن القرارات المتعلقة بالتوظيف والتعويضات يجب أن تُترك لأعضاء لجان مستقلة أو شركات مختصة، بعيدًا عن أي تأثير من أقارب أعضاء مجلس الإدارة أو المساهمين. كما أوضح أن حق المساهم محفوظ في الأرباح، لكن الوظيفة ليست حقًا مكتسبًا بناءً على الملكية أو صلة القرابة، بل تُمنح بناءً على معايير مهنية بحتة تعزز أداء الشركة.
كويت الماضي والمستقبل
شدد بن سلطان على أن الكويت تعد من الدول المؤثرة في المنطقة الخليجية، حيث تمتلك كل المقومات لتصبح مركزًا ماليًا وتجاريًا رائدًا في المنطقة في فترة زمنية قصيرة، مشيرا إلى أن العقول المبدعة متوافرة، ورأس المال حاضر، والقوانين والتشريعات جاهزة لتحقيق هذا الطموح، لافتا إلى أنها واحدة من أهم أسواق المنطقة، بفضل بيئتها الاقتصادية وتشريعاتها النوعية التي جذبت العديد من الشركات العالمية إلى السوق الكويتي. ومن أبرز هذه التشريعات قانون هيئة أسواق المال رقم 7 لسنة 2010، وقانون الشركات التجارية رقم 1 لسنة 2016، اللذان يُعدان من أفضل القوانين في المنطقة، مما يعزز من فرص تطوير بيئة الأعمال وتحقيق النمو المستدام.
تعديل قانون الشركات
أشاد بن سلطان بصدور المرسوم بقانون رقم 106 لسنة 2024، الذي يعدّل بعض أحكام القانون رقم 1 لسنة 2016، معتبرًا إياه خطوة مهمة لإنهاء النزاعات العائلية التي أثرت في استقرار ونمو الشركات العائلية. وأضاف: “رغم أن هذا القانون قد لا يكون في مصلحة بعض الشركاء، أو حتى في مصلحتي الشخصية في بعض الحالات، فإنه يمثل حلاً عادلاً ومتوازنًا يراعي المصلحة العامة، ويحمي الكيانات الاقتصادية، خصوصًا العائلية، من التفكك”.
القضاء عدالة وشفافية
ذكر بن سلطان أن الكويت لديها سلطة قضائية متميزة تتسم بقضاء عادل يحمي حقوق جميع المستثمرين دون تمييز، فالعدالة تسمح بوجود بيئة استثمارية مناسبه تتوافر بها كل عوامل النجاح للكيانات الاقتصادية، وتطمئن جميع المستثمرين بالحفاظ على أموالهم واستثماراتهم، ومن خلال تجربة شركاتنا التي تمتد على مدى 80 عامًا في الكويت، لم نشعر يومًا بأي ظلم، فالقوانين التجارية والاقتصادية الكويتية صارمة وواضحة، وتضمن حقوق الجميع، سواء كانوا كبارًا أم صغارًا، مع إتاحة حق التقاضي للجميع.