توسعت قطر خلال العام الجاري في شراء احتياطيات الذهب ليصل مخزونها – الاحتياطي - من المعدن الأصفر إلى ما يعادل حوالي 34.4 مليار ريال مع نهاية نوفمبر الماضي، بارتفاع قدره 10.6 مليار ريال عن نوفمبر 2023.
وكشف مصرف قطر المركزي في تقاريره عن الاحتياطيات أن احتياطي الذهب كان 7.5 مليار ريال عام 2019، ارتفع إلى 12.5 مليار ريال عام 2020، وظل كما هو في 2021، ولكنه ارتفع إلى حوالي 20 مليار ريال عام 2022، ثم واصل ارتفاعه إلى 24.4 مليار ريال العام الماضي 2023.
وفي العام الجاري خلال مارس ارتفع إلى 26.8 مليار ريال، وفي أبريل واصل ارتفاعه إلى حوالي 28 مليار ريال، وفي مايو إلى 28.3 مليار ريال، وفي يونيو ارتفع إلى حوالي 29 مليار ريال، وأخيرا في يوليو وصل إلى 30.7 مليار ريال ثم 34.4 مليار في نوفمبر الماضي.
تأمين وحماية الاقتصاد
خبراء المال والاقتصاد يؤكدون أن إقبال قطر على شراء وتخزين الذهب يؤكد قدرتها على تأمين وحماية الاقتصاد من أي أزمات أو تحديات، ويشددون على أن الفترة الحالية تشهد إقبالا من الحكومات والأفراد على شراء الذهب وتخزينه، والاستثمار في المعدن الأصفر، باعتباره الاستثمار الأمثل في ظل الأزمات العالمية، والملاذ الآمن الأكثر جاذبية طوال التاريخ، الذي يحقق عوائد مالية، دون أي مخاطرة مقارنة ببقية الاستثمارات المالية والتجارية والعقارية الأخرى.
الخبير المالي والاقتصادي عبد الله الخاطر يؤكد أن توسع قطر في شراء الذهب خلال العام الجاري يمثل فرصا استثمارية جيدة سواء للحكومات أو الأفراد، وهي سياسة اتبعتها الدول الكبرى، حيث يعتبر المعدن الأصفر مخزن قيمة دون أي مخاطرة على الإطلاق، فأسعار الذهب لا تنخفض خاصة على المدى الطويل.
ويضيف الخاطر أن هناك فرصا استثمارية تكون جيدة خلال الأزمات، ويعتبر شراء الذهب وتضمينه مع الاحتياطيات الدولية للدول من أهم هذه الفرص، وبالتالي فإن الدولة اتبعت سياسة مرنة لإدارة الاحتياطي، تقوم على مراقبة الأسواق العالمية، واختيار الاستثمارات التي لا تتأثر بالتقلبات المالية والاقتصادية.
ويشير الخاطر إلى أن أرصدة الذهب لقطر ارتفعت بنسب كبيرة خلال العامين الأخيرين ومن المنتظر ارتفاعها في العام المقبل 2025.
ويؤكد الخاطر أن الاستثمار في الذهب يمنع المخاطرة على الاحتياطيات الدولية لقطر، كما يساهم في ارتفاع قيمة هذه الاحتياطيات، نتيجة ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية، مشددا على الإدارة الناجحة لمخزون الذهب، التي يتبعها مصرف قطر المركزي، حيث زاد المصرف من احتياطيات الذهب مع التوقعات بارتفاع أسعاره، مما يعد حماية للاقتصاد القطري ضد أي تقلبات متوقعة في الأسواق العالمية.
الاستثمار الجيد للاحتياطي الدولي
من جانبه يؤكد عبد العزيز العمادي نائب رئيس غرفة قطر الأسبق حرص مصرف قطر المركزي على الاستثمار الجيد للاحتياطي الدولي ومنها أرصدة الذهب، باعتباره أهم الملاذات الآمنة.. ويضيف أن ارتفاع هذا الاحتياطي يؤكد قوة الاقتصاد القطري ومتانته، وأن الدولة نجحت في قيادة السفينة خلال الأزمات ومنها كورونا وتقلبات الأسواق العالمية حاليا، حيث استمرت في تنفيذ الخطط التي قررتها من قبل.
ويوضح العمادي أنه وفقا لمؤسسات المال العالمية فإن أسعار الذهب من المتوقع أن تسجل ارتفاعات خلال العام الجاري، واستمرارها، حيث من المنتظر ارتفاع العقود الآجلة للمعدن الثمين، مع تزايد قلق المستثمرين من أسعار الفائدة المنخفضة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي التي تتراجع بصورة دورية.
وارتفعت الاحتياطيات الدولية والسيولة بالعملة الأجنبية لمصرف قطر المركزي في شهر نوفمبر الماضي، بنسبة 4.05 بالمائة، لتبلغ 254.743 مليار ريال، مقارنة بـ 244.815 مليار ريال في الشهر نفسه من عام 2023.
ارتفاع الاحتياطيات الرسمية
وأظهرت البيانات الصادرة عن مصرف قطر المركزي ارتفاع احتياطياته الرسمية مع نهاية نوفمبر الماضي، مقارنة بما كانت عليه مع نهاية الشهر ذاته من عام 2023، بنحو 9.812 مليار ريال، لتبلغ 195.734 مليار ريال، وذلك نتيجة زيادة أرصدة المصرف المركزي من السندات وأذونات الخزينة الأجنبية بنحو 1.477 مليار ريال، إلى مستوى 138.124 مليار ريال في نوفمبر 2024.
وتتكون الاحتياطيات الرسمية من مكونات رئيسية، هي السندات وأذونات الخزينة الأجنبية، والأرصدة النقدية لدى البنوك الأجنبية، ومقتنيات الذهب، وودائع حقوق السحب الخاصة، وحصة دولة قطر لدى صندوق النقد الدولي.
ويضاف إلى الاحتياطيات الرسمية موجودات سائلة أخرى «عبارة عن ودائع بالعملة الأجنبية»، بحيث تشكل الاثنتان معا ما يعرف بالاحتياطيات الدولية الكلية.
على صعيد آخر، تراجع رصيد ودائع حقوق السحب الخاصة من حصة دولة قطر لدى صندوق النقد الدولي مع نهاية شهر نوفمبر الماضي بقيمة 138 مليون ريال، مقارنة مع نوفمبر 2023، ليبلغ مستوى 5.131 مليار ريال.
كما تراجعت الأرصدة لدى البنوك الأجنبية بنحو 2.160 مليار ريال، إلى مستوى 18.109 مليار ريال بنهاية نوفمبر هذا العام، مقارنة مع نوفمبر من عام 2023.
ويؤكد مصرف قطر المركزي أنه يقوم بإدارة الاحتياطي الأجنبي ومنها أرصدة الذهب بطريقة حذرة، وذلك للحفاظ على سعر صرف الريال مقابل الدولار والعملات الأخرى، ويضيف المركزي أن المبادئ الأساسية لسياسة الاستثمار تتضمن المحافظة على رأس المال والحفاظ على توافر السيولة، إضافة إلى ضمان تحقيق عائد مناسب للمحفظة الاستثمارية للاحتياطي بما تشمله من عملات أجنبية وسندات وأوراق مالية وذهب، ويدير الاحتياطي لجنة الاستثمار في المصرف التي يترأسها سعادة المحافظ، وتتولى اللجنة مسؤولية التوجيه لإدارة الاحتياطيات، ومسؤولية مراقبة المحفظة المالية للمصرف بالإضافة إلى التأكد من الاستثمار والتنويع في الأدوات المالية المتوافقة مع أهداف السياسة العامة للاستثمار ووفقا لسياسة الاستثمار المتبعة في المصرف.