د. حسن رشيد: المجلة صوت قطر الثقافي إلى العالم
د. مرزوق بشير: انتصار ثقافي وإحياء لمشروع فكري كبير
د. أحمد عبد الملك: جسر ثقافي يعكس قيم الهوية القطرية
أكد مثقفون أن عودة مجلة “الدوحة” كهيئة ثقافية يعتبر علامة فارقة في المشهد الثقافي القطري والعربي. مثمنين قرار سعادة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة رقم 44 لسنة 2023 والمنشور في الجريدة الرسمية في العدد رقم 1 لسنة 2025 الصادر بتاريخ 8 يناير الحالي، حيث نص القرار على تأسيس «مجلة الدوحة» واعتماد نظامها الأساسي، الصادر بتاريخ 23/6/1446 هجرية الموافق 24/12/2024 ميلادية.
وقالوا في تصريحات خاصة لـ «العرب» إن التأسيس الجديد لمجلة الدوحة يعتبر انطلاقة جديدة تحمل معها رؤية عميقة لتعزيز الحراك الثقافي وإثراء الحوار الفكري، مؤكدين أن القرار يحمل المجلة من مجرد إصدار ثقافي إلى منصة تعكس الهوية الثقافية القطرية والعربية، وتجسِّد روح التجديد والانفتاح على القضايا الفكرية المعاصرة.
وأضافوا أن هذه العودة لم تكن مجرد استئناف لمسيرة مجلة ذات إرث ثقافي عريق، بل خطوة مدروسة لإعادة تشكيل المشهد الثقافي بأسلوب يجمع بين الأصالة والحداثة، مما عزَّز مكانة “الدوحة” كجسر يربط بين المبدعين ويحتفي بالفكر والإبداع في مختلف المجالات بالإضافة إلى أن التأكيد على دور الثقافة في البناء الحضاري والارتقاء بمستوى الحراك الثقافي في جميع المجالات وتنمية الوعي الثقافي المجتمعي، ولتكون مركز إشعاع ثقافي وفني ومنصة للمثقفين والمفكرين والمبدعين.
من جهته أكد الناقد الدكتور حسن رشيد، أن عودة مجلة “الدوحة” يمثل عودة الروح إلى الإطار الثقافي العربي، فقد كانت المجلة الرائدة رمزًا للإبداع والتنوير منذ انطلاقتها، ولم يكن مقبولاً لدى المثقفين من المحيط إلى الخليج أن تشهد فترة من الجمود أو التوقف.
وأشار إلى أن» الدوحة» ذاع صيتها حتى أن أحد أصحاب المحلات في الخرطوم أطلق اسمها على محله، فكانت ولا تزال رسول الثقافة القطرية إلى العالم، وجسرًا لنقل الفكر والإبداع العربي إلى القارئ في كل مكان، منوها بأن البدايات الأولى لمجلة “الدوحة” تعود إلى عام 1968، حين بدأت عبر إذاعة قطر بقيادة رئيس تحريرها الأول إبراهيم أبو ناب، ثم فايد الصياغ، وكانت تنشر في بدايتها أخبار الإذاعة، ومع مرور الوقت، تطورت المجلة لتصبح منصة ثقافية شاملة تهتم بالفن والفكر والثقافة، وقادها نخبة من أبرز الأسماء، من بينهم الراحل محمد إبراهيم أبو شوش من السودان، ومن بعده رجاء النقاش.
وأوضح رشيد أن مجلة «الدوحة» كانت منارة للإبداع وميدانًا لتبادل الأفكار، مما جعل عودتها اليوم خطوة محمودة وتمثل بداية عهد جديد، يعيد الاعتبار لهذا الجسر الثقافي الذي طالما وحد العقول وفتح الآفاق.
وأكد رشيد أن مجلة “الدوحة” تمثل صوت قطر الحقيقي، ولا يمكن أن تكون بمعزل عن هويتها الوطنية والثقافية. لطالما حملت هذه المجلة رسائلها إلى العالم، ولكن يجب أن تنبض بروح قطرية أصيلة تمثل فكر وأدب وإبداع أبناء هذا الوطن، دون التقليل من قيمة الأقلام العربية التي أضافت الكثير إلى صفحاتها على مر السنين. ومع ذلك، فإننا اليوم بحاجة إلى أن تكون المجلة متنفسًا يعكس إبداعات المثقفين والكتاب القطريين والخليجيين، الذين يملكون رؤية عميقة تسهم في بناء ثقافة وطنية حقيقية.
وأشار إلى وجود أسماء بارزة في المشهد الثقافي القطري تستحق أن تكون جزءًا من هذا المنبر، ويمكنها أن تعزز المحتوى الثقافي والإبداعي للمجلة، مما يجعلها أكثر ارتباطًا بالمجتمع القطري والخليجي، وقادرة على إيصال صوت الدوحة إلى العالم بأسره.
منصة للأفكار والرؤى
وأعرب الدكتور مرزوق بشير، أستاذ نظريات الدراما بكلية المجتمع، عن سعادته بقرار سعادة وزير الثقافة بإعادة إصدار مجلة الدوحة، واصفًا الخطوة بأنها انتصار للثقافة العربية وإحياء لمشروع فكري وثقافي كبير. وقال:“كانت مجلة الدوحة جزءًا من حياتنا الثقافية، وكنت محظوظًا بالمشاركة في مسيرتها منذ بداياتها الأولى عندما توليت رئاسة قسم دراسات الخليج. كتبت فيها العديد من المقالات التي امتدت حتى إصدارها الإلكتروني، ما جعلني شاهدًا على تطورها ودورها المحوري في دعم الفكر العربي.”
وأضاف: “عودة المجلة ليست مجرد استئناف لنشاط ثقافي، بل هي استعادة لمنصة حرة للتعبير عن الآراء والأفكار، ومنبر أسهم بشكل كبير في إثراء الحراك الثقافي العربي. بشعارها الذي حمل عنوان «ملتقى الإبداع العربي والثقافة الإنسانية «، حيث نجحت المجلة في أن تكون حاضنة للإبداع والنقاشات الفكرية العميقة، مما جعلها رافدًا مهمًا للحوار الثقافي.”
وأشار الدكتور مرزوق بشير إلى أن إعادة إصدار المجلة تعكس التزامًا عميقًا من وزارة الثقافة بدعم المشاريع الفكرية التي تعزز مكانة قطر الثقافية. وقال: “إن قرار إعادة إطلاق المجلة يعبّر عن رؤية ثاقبة لتطوير الحراك الثقافي في الوطن العربي، وهي خطوة تُعيد التأكيد على الدور الرائد لدولة قطر في دعم المشاريع التي تخدم الثقافة والفكر.”
استثمار الطاقات المتاحة
أكد الروائي والأكاديمي القطري الدكتور أحمد عبد الملك أهمية عودة مجلة الدوحة الثقافية في إصدارها الجديد كهيئة ثقافية، مشيرًا إلى أن هذا القرار يعد خطوة مهمة نحو تعزيز دور قطر الثقافي على المستويين العربي والدولي.
وأضاف أن مجلة الدوحة لطالما كانت خير سفير لدولة قطر وثقافتها منذ انطلاقتها في الثمانينيات، حيث تميزت بحضورها في المكتبات الكبرى في العواصم العربية مثل القاهرة، الرباط، والدار البيضاء، ما جعلها منصة ثقافية رائدة تُبرز التراث والفكر القطري.
وتابع: إن قرار إعادة إصدار المجلة يحمل في طياته الكثير من المسؤولية، خاصة بعد فترة التوقف التي أثرت على استمرارية دورها الثقافي، مشددا على أن العودة بحلة جديدة تتطلب خطة استراتيجية واضحة تضع في اعتبارها إشراك الأقلام القطرية البارزة، إلى جانب استكتاب المثقفين العرب لضمان إثراء المحتوى وتعزيز الحوار الثقافي العربي.”
كما دعا الدكتور عبد الملك إلى ضرورة استثمار الإمكانيات المتاحة لإضافة أقسام متخصصة في الترجمات العالمية، وأخرى تسلط الضوء على الإصدارات القطرية والعربية، مما يجعل المجلة جسرًا يربط بين الثقافات ويعزز التواصل بين المثقفين والقراء
خريطة طريق
وحول رؤيته للمجلة، قال الدكتور أحمد عبد الملك: “يجب أن تعمل مجلة الدوحة في إصدارها الجديد على استكتاب الكتّاب القطريين في المجالات الثقافية المختلفة، مع فتح الباب أمام المثقفين العرب للإسهام بمقالاتهم وتحليلاتهم، مما يعكس التكامل الثقافي ويُثري محتوى المجلة. كذلك، لا بد من تخصيص مساحات لأخبار الإصدارات الثقافية القطرية والعربية، لتكون المجلة نافذة توثق أبرز الإنتاجات الفكرية وتعمّق التواصل مع القراء.”
كما أكد على أهمية التوجه نحو الرقمنة لتوسيع قاعدة قراء المجلة، مضيفًا: “التحول الرقمي ضرورة ملحّة في عصرنا الحالي، ويجب أن تكون للمجلة منصة رقمية قوية تسهم في الوصول إلى جمهور أوسع وتتيح لهم التفاعل مع محتواها بشكل أكثر انسيابية.”
تاريخ من الإبداع
حملت مجلة الدوحة شعار «ملتقى الإبداع العربي والثقافة الإنسانية»، مجلة شهرية ثقافية تصدر عن وزارة الثقافة، وتتوجَّه إلى قرَّاء الثقافة العرب من المحيط إلى الخليج وفي المهاجر العالمية المختلفة.
وكان تأسيسها الأول سنة 1969، حيث صدر العدد الأول عن «إدارة الإعلام – الإذاعة» في نوفمبر سنة 1969. وفي سنة 1986 توقفت عن الصدور، ثمَّ عاودت الصدور مجددًا سنة 2007، ومن ثم توقفت نحو عامين قبل أن يصدر قرار سعادة وزير الثقافة في ديسمبر الماضي بإعادة صدورها كهيئة ثقافية.
وسواء في تاريخها أو حاضرها تبقى مجلة الدوحة واحدةً من أهم المجلات الثقافية العامة في الوطن العربي. فمن منطلق شعارها التأسيسي (ملتقى الإبداع العربي والثقافة الإنسانية)، وكذلك توجهها إلى قرَّاء الثقافة العرب من المحيط إلى الخليج وفي المهاجر العالمية المختلفة تشكِّل مجلة «الدوحة»، نافذة قطر على الثقافة العربية والعالمية، وجسرًا قويًا بين ثقافة المشرق وثقافة المغرب.
وعلى مدار تاريخها قامت مجلة «الدوحة»، بدورها الرائد في التثقيف والتنوير، وإلى تغذية الأرشيف الوطني والعربي الذي يشكِّل مرجعية أساسية للأجيال اللاحقة فيما يتعلَّق بالحفاظ على الهويّة وخصوصية الوجدان الثقافي. كما كانت النسخة الورقية في توزيعها الميداني في فضاءات المدن العربية واجهةً ثقافية بارزة لتعزيز دور قطر وإسهامها في تكريس الثقافة بما تحمله من قيم إنسانية تعزز الحوار والتعايش.
قرار العودة
نشرت الجريدة الرسمية في العدد رقم 1 لسنة 2025 الصادر في 8 يناير الحالي نص قرار سعادة الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة رقم 44 لسنة 2023 م بتأسيس «مجلة الدوحة» واعتماد نظامها الأساسي، الصادر بتاريخ 23/6/1446 هجرية الموافق 24/12/2024 ميلادية.
المادة 1: تُؤسس هيئة ثقافية تسمى «مجلة الدوحة»، تتبع وزارة الثقافة.
المادة 2: يُعتمد النظام الأساسي لمجلة الدوحة المرفق بهذا القرار.
المادة 3: على جميع الجهات المختصة/ كُل فيما يخصه، تنفيذ هذا القرار. ويعمل به من تاريخ صدوره وينشر في الجريدة الرسمية، ويلغى كل حكم يخالف أحكامه.
النظام الأساسي لمجلة الدوحة
وبحسب النظام الأساسي لمجلة الدوحة، فإنها تتمتع «بشخصية اعتبارية» ومدتها غير محددة، ومقرها الدوحة ويجوز بعد موافقة الرئيس، أن تنشئ لها فروعاً في دولة قطر وخارجها.
وتهدف المجلة إلى النهوض بدور الثقافة في البناء الحضاري والارتقاء بمستوى الحراك الثقافي في جميع المجالات وتنمية الوعي الثقافي المجتمعي، ولتكون مركز إشعاع ثقافي وفني ومنصة للمثقفين والمفكرين والمبدعين.
ويدير شؤون المجلة مجلس إدارة يشكل برئاسة وزير الثقافة، ونائب رئيس وعدد من الأعضاء لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد عن سبعة ويصدر بتعيينهم وتحديد مدة عضويتهم ومكافآتهم قرار من الرئيس.
ويشترط في عضوية مجلس الإدارة ما يلي:
1- أن يكون قطرياً.
2- أن يكون حسن السيرة وطيب السمعة.
3- أن لا يكون قد سبق الحكم عليه نهائياً في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة.
4- أن لا يقل عمره عن 35 سنة.
5- أن لا يجمع بين إدارة المجلة وإدارة هيئة ثقافية أخرى تخضع لإشراف الوزارة. ويجوز للرئيس وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة، الاستثناء من الشروط المنصوص عليها في البنود 1 و4 و5 من هذه المادة.
ومدة العضوية في مجلس إدارة مجلة الدوحة 4 سنوات تبدأ من تاريخ التعيين.
