الرياض -" الرياض"
تأتي زيارة دولة رئيس الوزراء البريطاني إلى المملكة لتسلط الضوء على متانة العلاقات التاريخية بين البلدين، والتي بنيت على أسس من المصالح المشتركة والمبادئ الراسخة، وتعكس هذه الزيارة تقدير الحكومة البريطانية للمكانة السياسية والاقتصادية التي تحتلها المملكة، ودورها المحوري في المنطقة والعالم، تحت قيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد -حفظه الله-.
تمثل هذه الزيارة الأولى لرئيس الوزراء البريطاني منذ توليه منصبه، وتأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات متسارعة في قطاع غزة ولبنان، إضافة إلى التوترات الإقليمية. وتؤكد أهمية هذه الزيارة التشاور بين القيادتين لتعزيز أمن واستقرار المنطقة، في ظل القلق المشترك تجاه الكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة.
يشترك البلدان في دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية، وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية. ويؤكد الجانبان التزامهما بحل الدولتين، الذي يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة.
شهدت العلاقات الاقتصادية بين المملكة والمملكة المتحدة نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، إذ أطلقت زيارة سمو ولي العهد إلى بريطانيا في عام 2018م “مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي البريطاني”، مما أدى إلى زيادة التجارة الثنائية بأكثر من 30%، لتصل إلى 103 مليارات دولار حتى عام 2023م.
وفي هذا السياق، تسعى الدولتان إلى تعزيز التعاون الاقتصادي عبر مبادرات مثل “منتدى الشراكة والأعمال السعودي - البريطاني”، الذي يهدف إلى تشجيع التواصل بين رجال الأعمال في البلدين، وتوسيع نطاق الاستثمارات. وتمثل المملكة المتحدة ثاني أكبر مستثمر أجنبي في المملكة بنحو 16 مليار دولار، مع وجود 1139 مستثمراً بريطانياً وأكثر من 50 شركة بريطانية فتحت مقراتها الإقليمية في الرياض.
يمتد التعاون بين البلدين إلى مجالات الطاقة، حيث تقدر بريطانيا جهود المملكة في دعم استقرار أسواق النفط العالمية وتطوير مشروعات الطاقة النظيفة. كما يتطلع الجانبان إلى تعزيز التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية.
وفي مايو 2024م، استضافت المملكة مؤتمر (GREAT Futures) الذي شهد حضور أكثر من 2200 من المهتمين بالشأن الاقتصادي، وتم خلاله توقيع 13 اتفاقية وتوسيع التعاون في مجالات متنوعة مثل السياحة، والتعليم، والثقافة، والاستثمار.
يتمتع البلدان بروابط تعليمية وثقافية متميزة، إذ يدرس نحو 14,000 طالب وطالبة سعوديين في الجامعات البريطانية، بينما تخطط جامعة (ستراثكلايد) لإنشاء فرع لها بالتعاون مع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن. كما تطور التعاون السياحي، حيث استضافت المملكة أكثر من 165 ألف زائر بريطاني في الربع الأول من عام 2024م.
تعكس زيارة رئيس الوزراء البريطاني رغبة البلدين في تعزيز شراكتهما الاستراتيجية، بما يحقق مصالحهما المشتركة ويسهم في استقرار المنطقة وازدهارها. وتمثل هذه الزيارة فرصة لتعزيز العلاقات التاريخية وتوسيع آفاق التعاون في مختلف المجالات، بما ينسجم مع رؤية المملكة 2030.