.. وأما أن تكون المدينةُ فخمةً، سهلةً،
لها روحُ أنثى.. ورائحةُ أنثى،
ونرحلُ معها نحو أيامِنا الأُوَل،
فتلك «جدة»..
برفق.. يتكئُ البحرُ على خاصرتها،
فيهدأُ موجُهُ.. وترسو السفنُ المتْعَبة.
*
جدة.. يا سيدةَ البحر:
أتيناك.. هجرةً كالطيور،
فبتْنا نجاهدُ في قياس اتساع القفص!
لنا وراء كلّ بابٍ حكاية..
والمواويلُ تأتي من جهة البحر،
تزفُّ حلو الكلام.
مساحةُ حبّ أنتِ تحتفي بالقوافلِ،
حين تأتي بتعاقبِ الفصول،
وها هو الصيفُ.. يندلقُ في رئتيكِ،
فازرعي الفرحَ في عيونِ الأبرياء.
على عَجَلٍ.. ها هم يجيئونك ملهوفين،
كالعصافيرِ..
يقتسمون الشمسَ، والماءَ، والأمسيات.
من زرقةِ بحركِ.. هبيْهم حُلماً من ضياء،
ومن عليل مسائكِ.. تذكاراً:
من قمرٍ، من ضحكةٍ، ومِن همس الأغنيات.
عظيمٌ هو البحرُ..
لكنه يغرقُ في صفوِ عينيك..
ساعةَ تلوّحِين له،
فافتحي قلبَكِ.. ما تشائين..
.. لمن تشائين،
وليبقَ شراعُكِ ممدوداً.. في وجهِ الريح،
ولتبقيْ «أنثى».. لا أسوار لها،
وساعةً من مسائك.. لحظةَ القبضِ على العشق،
لا أحد سيسألُ: «لماذا غَرَبتْ الشمس»
طالما هنا مطر..