حسام علم الدين -
توقع معهد التمويل الدولي استمرار ارتفاع تدفقات الرساميل الأجنبية الى دول الخليج في عام 2025، ورجحت ارتفاع نمو اقتصادات المنطقة (القطاعات النفطية وغير النفطية) من %0.9 في العام الحالي الى %3.5 في عام 2025، مع تخفيف القيود على انتاج النفط حتى الربع الرابع من العام المقبل، مؤكدا ان مخاطر التخلف عن سداد الديون السيادية الخليجية أقل بكثير من معظم الدول الناشئة الاخرى، وتظل التصنيفات الائتمانية الخليجية قوية.
وقال المعهد في تقرير بعنوان «تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة للدول الناشئة.. الإبحار في امواج التغير العالمي»: انه بافتراض ان متوسط اسعار النفط سيبلغ 70 دولارا للبرميل في 2025، مقارنة بـ80 دولارا للبرميل في 2024، فان فوائض الحسابات الجارية المجمعة لدول الخليج ستهبط من 99 مليار دولار في العام الحالي، الى 38 مليار دولار في العام المقبل، أي %1.7 من الناتج المحلي الاجمالي لدول المنطقة.
واضاف: سيتحول فائض الحساب الجاري الصغير نسبيا في السعودية في العام الحالي الى عجز بسيط في العام المقبل، بسبب انخفاض اسعار النفط والورادات القوية. فيما ستبقى أرصدة الحساب الجاري للامارات وقطر والكويت تحقق فوائض كبيرة في العام المقبل، رغم انها ستكون اقل مما كان عليه في 2023–2024.
مناخ الأعمال
وتابع المعهد: ان دول الخليج نجحت في التعامل مع المشهد الاقتصادي العالمي والصراعات الجيوسياسية في المنطقة بشكل جيد للغاية. ومع ذلك، بدأت الفوائض الكبيرة في الحسابات الجارية والميزانية العامة التي ساعدت على تخفيف الصدمات السابقة بالتقلص، وسط انخفاض عائدات النفط وارتفاع الواردات المرتبطة بالاستثمارات لتنويع اقتصاداتها.
واشار الى انه تم إحراز تقدم كبير في تطوير مناخ الأعمال في دول الخليج، خصوصا في السعودية والامارات اللتين تمثلان معاً %75 من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي لدول المنطقة، كما أحرزت دول الخليج تقدماً كبيراً في تنويع اقتصاداتها ويشكل الانخفاض المستمر في مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الخليجي أبرز دليل على ذلك، لافتا الى ان تقنيات الرقمنة والذكاء الاصطناعي تستمر في لعب دور رئيسي في استراتيجية التنويع الاقتصادي لدول المنطقة.
وتوقع معهد التمويل الدولي زيادة تدفقات الرساميل الاجنبية الى منطقة الخليج بشكل طفيف الى 136 مليار دولار في عام 2025، اي ما يعادل %6.2 من الناتج الاجمالي المحلي لمنطقة الخليج، مشيرا الى ان الامارات تظل الوجهة الخليجية الرئيسية لتدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر، وجذبت 30 مليار دولار في العام الماضي، اي ما يعادل %6 من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد، وهو الاعلى بين الاقتصادات الناشئة.
الصناديق السيادية
توقع المعهد استمرار تدفقات الرساميل الخارجة من دول الخليج في تجاوز تدفقات الرساميل الاجنبية اليها، مضيفاً: وكما في السنوات الماضية، من المتوقع ان تدفع الاستثمارات الخارجية لدول الخليج من صناديق ثروتها السيادية تدفقات الرساميل الخارجة من دول المنطقة.
وزاد: ومع استمرار تحقيق الحساب الجاري المجمع لدول الخليج لفائض صغير، فان الاصول الاجنبية الصافية لدول الخليج قد ترتفع الى 4 تريليونات دولار بحلول نهاية 2025، اي ما يعادل %150 من الناتج المحلي الاجمالي لدول المنطقة.
وبين ان أصول الصناديق السيادية الخليجية تشكل نحو ثلثي هذه الاصول، مع محافظ متنوعة من الاسهم والاوراق المالية ذات الدخل الثابت، أما الثلث المتبقي فيتخذ شكل احتياطيات رسمية في أصول سائلة، مثل الودائع المصرفية وسندات الخزانة الأمريكية. وسيظل الطلب قوياً على الأصول المرتفعة الجودة في دول الخليج، بدعم من العملات الخليجية المستقرة وانخفاض الديون الحكومية والاحتياطيات المالية الوفيرة.
الصراعات الإقليمية لن تؤثر في أداء الاقتصاد الخليجي
لفت المعهد الى ان المخاطر التي تهدد آفاق اقتصادات الخليج تتم السيطرة عليها بشكل جيد، ومن غير المرجح أن تؤثر الصراعات الاقليمية والمخاطر الجيوسياسية المتزايدة على الاداء الاقتصادي لدول المنطقة، الا ان المعهد اشار الى ان الضغوط المالية قد تبدأ بالظهور على المدى المتوسط في حال استمرت اسعار النفط في الانخفاض الى ما دون 70 دولارا للبرميل، مؤكدا ان الاحتياطيات المالية الوفيرة لدول الخليج ستخفف من اي تداعيات سلبية لبعض الوقت على الاقل.
الملكية الأجنبية الكاملة تزيد من جاذبية الإمارات
قال المعهد إن جاذبية الامارات القوية للاستثمارات الاجنبية تعود الى عدد من العوامل أبرزها اصلاحات استراتيجية بما فيها السماح بالملكية الاجنبية بـ%100 في قطاعات استثمارية محددة، وتعزيز حماية الملكية الفكرية، وتبسيط اجراءات نيل التراخيص لتأسيس أعمال تجارية.
تباطؤ متوقع بنمو الاقتصاد العالمي في 2025
توقع معهد التمويل الدولي تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي من %2.9 في عام 2024 الى %2.7 في 2025، مع نمو الاقتصادات الناشئة بـ%3.8 في العام المقبل، ورجح ايضا انخفاض تدفقات الرساميل الاجنبية الى الاسواق الناشئة من 944 مليار دولار في العام الحالي الى 716 مليار دولار في عام 2025، مدفوعة بتدفقات استثمارية أجنبية أضعف الى الصين.
واضاف: ان تدفقات الاستثمار الأجنبي الى الاسواق الناشئة (ما عدا الصين) ستعتدل الى 781 مليار دولار في عام 2025، مقارنة بـ824 مليار دولار في العام الحالي. ويعود ذلك، بتأثير تباطؤ دورة التيسير النقدي لدى البنك الفدرالي الأمريكي وقوة الدولار على تكاليف اقتراض الاسواق الناشئة.