بحضور سعادة السيدة لولوة بنت راشد بن محمَّد الخاطر وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، جرى مساء أمس تتويج الفائزين بجائزة الكتاب العربي في دورتها الثانية. وقام الدكتور حسن النعمة الأمين العام لجائزة الكتاب العربي بتتويج الفائزين خلال حفل أقيم بفندق كمبنيسكي اللؤلؤة بحضور عدد من كبار المسؤولين وعدد من أصحاب السعادة السفراء المعتمدين لدى الدولة. وجائزة الكتاب العربي أطلقتها دولة قطر في مارس 2024، ومدارها الكتاب المؤلف بالعربية، بهدف تكريم الباحثين ودور النشر والمؤسسات المساهمة في صناعة الكتاب العربي.
وفاز بجائزة الكتاب العربي في فئة الكتاب المفرد في مجال الدراسات التاريخية بالمركز الأول: حافظ عبدولي عن كتابه «من تريبوليتانيا إلى أطرابلس: المشهد التعميري خلال العصر الوسيط المتقدّم بين التواصل والتحوّلات، وبالمركز الثاني: يونس المرابط عن كتابه «فتح الأندلس في الاستشراق الإسباني المعاصر ما بين النفي والإثبات. وفي مجال الدراسات اللغوية والأدبية توج بالمركز الأول: عبدالرحمن بودرع عن كتابه «بلاغة التضادّ في بناء الخطاب - قضايا ونماذج، وبالمركز الثاني: محمد عبدالودود أبغش عن كتابه «الأبنية الشرطيّة اللاواقعية - مقاربة لسانية عرفنيّة، وجاء في المركز الثالث: محمد غاليم عن كتابه «اللغة بين ملكات الذهن - بحث في الهندسة المعرفية. أما مجال الدراسات الاجتماعية والفلسفية فقد فاز في الفلسفة بالمركز الثاني، محمد الصادقي عن كتابه « الوجود والماهية بين أبي علي ابن سينا وفخر الدين الرازي، وبالمركز الثالث: عبدالرزاق بلعقروز عن كتابه «الاتصاف بالتفلسف: التربية الفكرية ومسالك المنهج، وبالمركز الثالث المكرر: يوسف تيبس عن كتابه «مفهوم النَّفي في اللسان والمنطق، أما في علم الاجتماع فقد فاز بالمركز الثاني: عبدالقادر مرزاق عن كتابه «الاستعارة في علم اجتماع ماكس فيبر وزيغمونت باومان. كما تم تتويج الفائزين بجائزة الكتاب العربي في مجال العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، بالمركز الثاني: الحسان شهيد عن كتابه «رسالة الشافعي: في السياق والمنهاج والخطاب دراسة في نظرية المعرفة الأصولي. وفاز بالجائزة ذاتها في مجال الموسوعات والمعاجم وتحقيق النصوص، بالمركز الثالث كل من محمود العشيري عبدالعاطي الهواري محمد البدرشيني عن كتابهم «الرصيد اللغوي المسموع: قائمة معجمية لرصيد مسموع الطفل العربي من الفصيحة بناءً على مدونة محوسبة. كما تم تتويج الفائزين في فئة الإنجاز لكل من الأفراد والمؤسسات، حيث فاز من الأفراد كل من الكتاب: أحمد المتوكل، رمزي بعلبكي، إبراهيم القادري بوتشيش، إلى جانب تتويج المؤسسات وشملت معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية ومقره القاهرة، كرسي الأستاذ الدكتور عبد العزيز المانع للغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية، ودار النشر دار الكتاب الجديد المتحدة.
رافد للمعرفة
وتقدم الدكتور حسن النعمة الأمين العام لجائزة الكتاب العربي بأسمى آيات الشكر والتقدير لصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لرعاية جائزة الكتاب العربي، مشيدا بدعم سموه المستمر للثقافة والفكر، ومؤكدًا أن هذه الجائزة ليست مجرد تكريم للمؤلفين، بل تجسيد لمواكبة الأمة لمسيرة الفكر الإنساني، واستلهام لتراثها العربي العريق. كما أكد النعمة أن التراث العربي كان ولا يزال رافدًا أساسيًا للمعرفة الإنسانية، مشددًا على أهمية دور الأدباء والمفكرين في تعزيز الوعي الثقافي وترسيخ القيم الفكرية.
وقال لقد احتفلنا العام الماضي بانطلاق هذه الجائزة التي تميزت عن غيرها بأنها ليست مجرد تكريم للكتاب، بل هي تعبير عن مواكبة أمتنا لمسيرة الفكر الإنساني، واستلهام لتراثنا العربي العريق الذي قدّم للبشرية زادًا معرفيًا نفتخر به على مر العصور.
وأضاف منذ أن أسهمت حضارتنا العربية في بناء صرح الحضارات الإنسانية، وهي تشكّل منارة للعلم، وذخرًا للأجيال التي تتعاقب لتحمل شعلة المعرفة، وتواصل مسيرة العطاء في مختلف مجالات الفكر والثقافة، مشيرا إلى أن تراثنا الزاخر بالمعرفة، الذي حمله إلينا أسلافنا الأفذاذ، لم يكن مجرد تكديس للعلوم. وأكد الكاتب الدكتور رمزي بعلبكي في كلمته نيابة عن الفائزين أن هذه الجائزة تؤكد أهمية الجودة المعرفية، ولتشجيع المؤلفين على تقديم أعمال تسهم فعليًا في دفع عجلة الفكر العربي إلى الأمام.
معايير صارمة
ومن جهته قال السيد عبدالرحمن المري المتحدث باسم الإعلامي باسم جائزة الكتاب العربي، في تصريح لـ العرب، إن هذه الدورة تأتي استكمالًا للمسار الذي بدأته الجائزة في دورتها الأولى، حيث تم تكريم نخبة من الشخصيات الفكرية والعلماء الذين أثروا المكتبة العربية بمؤلفات علمية رصينة وعميقة
وأشار أن الدورة الثانية شهدت فتح باب الترشح وفق معايير صارمة، واستطعنا اليوم تكريم نحو أحد عشر فائزًا في فئة الكتاب، وستة فائزين في فئة الإنجاز، وهو ما يعدّ إنجازًا يعزز من مكانة الجائزة، ويسهم في دعم المؤلفين العرب وتقدير جهودهم العلمية.كما أوضح المري أن الجائزة لا تقتصر فقط على التكريم، بل تسهم أيضًا في تسليط الضوء على المؤلفين العرب الذين ربما لم يحظوا بالانتشار الكافي، حيث توفر لهم منصة علمية مرموقة تعزز حضورهم الفكري.
فائزون لـ «العرب»: الدوحة منارة داعمة للإبداع العربي
ثمن فائزون بجائزة الكتاب العربي في تصريحات خاصة لـ «العرب» دور دولة قطر في دعم مسيرة المعرفة العربية والإنسانية مؤكدين أن الجائزة تدعم المبدعين وتساهم في مواصلة الإنتاج الفكري.
وأعرب الدكتور حافظ عبدولي، الأستاذ بجامعة صفاقس والمتخصص في التاريخ الوسيط والآثار الإسلامية، عن فخره بفوزه بجائزة الكتاب العربي في الدوحة عن فئة الدراسات التاريخية.
وقال: هذه الجائزة جاءت في مستوى عالٍ من حيث عدد المشاركات وقيمة العقول التي تغطيها، وهو ما يعكس مكانتها المرموقة على المستوى العربي. ستكون هذه الجائزة حافزًا لمزيد من العمل والإبداع الفكري، وأنا ممتن لدولة قطر على هذا المشروع الرائد، وأضاف أن الجائزة تأتي ضمن رؤية ثقافية عربية متكاملة، إذ تشكل جزءًا من مشروع حضاري وثقافي شامل تدعمه قطر عبر مجموعة من الجوائز والأعمال الرائدة، مؤكدًا أن هذه المبادرات تعكس سياسة ثقافية رشيدة وحكيمة تستحق الإشادة.
وأعرب الدكتور علي عبدالله النعيم، مدير معهد المخطوطات العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وجامعة الدول العربية، عن فخره واعتزازه بتكريم المعهد ضمن جائزة الكتاب العربي في الدوحة، مؤكدًا أن هذا التكريم يُعد تقديرًا مستحقًا لثمانية عقود من الجهود المبذولة في خدمة التراث العربي.
وقال الدكتور محمد عبدالودود أبغش، أستاذ اللسانيات بكلية الآداب والعلوم اللسانية بجامعة نواكشوط، عن سعادته بفوزه بالمركز الثاني في فئة الدراسات اللغوية والأدبية ضمن جائزة الكتاب العربي، مشيرًا إلى أن هذه الجائزة تمثل دعمًا مهمًا للمؤلفين العرب وتعكس اهتمام الدوحة بالثقافة العربية وتشجيع البحث العلمي.
وأوضح أن كتابه الفائز بعنوان “الأبنية الشرطية اللواقعية ومقاربتها اللسانية العرفانية”، وهو بحث في مجال اللسانيات العرفانية، ويجمع بين دراسة الأبنية اللغوية العربية القديمة والحديثة، سواء في الشعر أو النثر أو حتى في اللغة العامية، مستفيدًا من النظريات الحديثة في اللسانيات، خصوصًا من المصادر الإنجليزية والفرنسية”.
تنمية الوعي
وأعرب الأستاذ الدكتور عبدالرزاق بالعقروز، الفائز بجائزة الكتاب العربي في فرع الدراسات الفلسفية، عن سعادته بهذا التتويج، معتبرًا أن الجائزة تمثل دعمًا للفكر الفلسفي وتنميةً للوعي الأخلاقي في العالم العربي. وأوضح أن كتابه “الاتصاف بالتفلسف” يركز على كيفية تنمية التفكير والتفلسف والأخلاق، ودورها في معالجة قضايا الحياة الإنسانية المعاصرة، كما يناقش الكتاب فكرة “ما بعد الأخلاق”، التي تدعو إلى التحرر من الالتزام الأخلاقي التقليدي، واستبداله بأنظمة روحية تؤسس لقيم أخلاقية عميقة.وحول دلالة الفوز بالجائزة، أكد الدكتور بالعقروز أن جائزة الكتاب العربي تتميز بتوجهها الإنساني العميق.
ندوة تناقش لغة الكتاب العربي
نظمت جائزة الكتاب العربي صباح امس ندوة بعنوان «لغة الكتاب العربي: شؤون وآفاق»، بمشاركة نخبة من المفكرين والأكاديميين، وذلك في إطار الفعاليات المرافقة لاختتام دورتها الثانية.
وأشاد الأستاذ عبدالرحمن المري، المستشار الإعلامي لجائزة الكتاب العربي، بالنجاح المبهر الذي عرفته الجائزة في دورتها الأولى، حيث توصلت بأكثر من 1200 ترشح من 35 دولة عربية وغير عربية. كما ذكر بفئات الجائزة وشروط الترشح إليها، وتناول مختلف المراحل التي تمر بها عملية التحكيم والجهود المبذولة فيها لضمان الشفافية والمصداقية. وتناولت الندوة محاور عدة، منها «تأنيس المصطلح المنطقي في كتاب “التقريب لحد المنطق” لابن حزم الأندلسي، الكوني والفراغ المضموني للدلالة الفلسفية في النص الفلسفي العربي المعاصر»، والأبعاد اللغوية في مشروع طه عبدالرحمن، والوضوح الفكري: زكي نجيب محمود والتحول اللغوي في الفلسفة، ونظرات في البيان العربي: عن المشروع اللساني.
كما دارت محاور الندوة حول «لغة الكتاب والكتابة في الثقافة العربية، هل ثمة لغة بريئة؟ دراسة في تحيزات اللغة العربية، لغة الكتاب الأكاديمي في الدراسات الإسلامية، وبناء الجملة وأثره في إيصال الفكرة في الكتاب العربي، وواقع الكتاب المترجم إلى العربية المعاصرة.