تلاقت آراء المواطنين والخبراء المختصين بأهمية تقنين محتوى المنصات الرقمية وتنظيم عمل المؤثرين في مواقع التواصل، من خلال وضع ضوابط تنص على التزام المؤثرين بتقديم محتوى إعلامي هادف يتوافق مع قيمنا وهويتنا الوطنية، منوهين بضرورة التوظيف الأمثل لتلك المواقع والمنصات الاجتماعية بما يحافظ على القيم الدينية والعادات الاجتماعية ويعزز استقرار المجتمع.
وجاءت هذه الآراء على خلفية الاقتراح برغبة الذي تقدم به مجلس الشورى للحكومة، أمس الأول، بتنظيم تقديم المحتوى الإعلامي المنضبط عبر المنصات الرقمية، وتضمن عدداً من الإجراءات التي من شأنها أن تسهم في ضبط وتقنين تقديم المحتوى الإعلامي من خلال إيجاد إطار قانوني لإصدار رخصة للمؤثرين عبر المنصات الرقمية تصدرها إحدى الجهات المعنية بالدولة.
الاستخدام المسؤول
وأكد الإعلامي الدكتور حمد الفياض أهمية الاستخدام المسؤول للمنصات الرقمية وتقنين نشر المحتوى الرقمي فيها، في ظل الانتشار الواسع لشبكات التواصل واستحواذها على الجانب الأكبر من أوقات أفراد المجتمع، بمن فيهم فئة المراهقين والشباب.
وثمن الفياض مشروع قانون «المحتوى الإعلامي ونشره على المنصات الرقمية» الذي ناقشه مجلس الشورى في إطار حماية قيم المجتمع ومواجهة جرائم ترويج الشائعات والأخبار الكاذبة في مواجهة التحديات التي فرضها الانتشار الواسع للإعلام الرقمي.
وأشار إلى أنه سبق أن طرح هذا الموضوع عندما كان يتولى إدارة المركز الإعلامي للشباب التابع لوزارة الثقافة في عام 2018، بما في ذلك تنظيم التسويق الرقمي للفعاليات وحتى المنتجات في وسائل التواصل، في ظل حاجة المؤسسات الرسمية ومؤسسات القطاع الخاص لأنهم أصبحوا أسرع في الانتشار وتوصيل الرسالة للمجتمع، ولكن النقطة المفصلية يفترض أن يوكل أمر التنسيق مع مشاهير السوشيال ميديا والاتفاق معهم لإدارات العلاقات العامة بالمؤسسات المعنية باعتبارها الجهة الرسمية التي تتلقى الطلبات من داخل المؤسسة وخارجها، وحتى يكون العمل منظماً.
وأيد د.الفياض الاستعانة بمشاهير السوشيال ميديا لترويج فعاليات المؤسسات العامة والخاصة، ولكن لابد أن يكون هناك تنسيق عبر إدارات العلاقات العامة في هذه المؤسسات للتواصل مع المشاهير والمركز الإعلامي القطري تحت مظلة وزارة الثقافة هو الجهة الحكومية التي تتابع كل ما يخص الإعلام الجديد، ولتنظيم العمل سيكون لنا دور في التنسيق بين المؤسسات الحكومية ومشاهير السوشيال ميديا، بحيث يتم اختيار المشاهير بما يتوافق مع الموضوع نفسه لإظهاره بشكل مناسب وذلك من خلال وضع آلية وميثاق شرف للتغطيات بما في ذلك طريقة الطرح واختيار الكلمات، لأن هذه الأمور إذا تم تنظيمها بشكل واضح سنصل جميعا للهدف الذي نسعى إليه.
أوساط الشباب
من جهته، قال جابر الشاوي إن تقديم أعضاء الشورى اقتراحا لتنظيم المحتوى الإعلامي على مواقع التوصل، يعكس استشعارهم للتأثير المتزايد للمواقع التواصل في المجتمع، ولا سيما في أوساط الشباب واليافعين، كما يعكس الشعور المسؤولية تجاه المجتمع بعدم نشر معلومات مضللة أو تقديم محتوى يتعارض مع قيم المجتمع.
وأكد الشاوي أن حسابات المؤثرين على مواقع التواصل مثل العديد من الأشياء، لديها حسناتها كما أن لديها سيئاتها، فنحن يمكن أن نستخدم منصات «السوشال ميديا» لتحقيق الفائدة العلمية والثقافية والسياسية، أو يمكن أن نستغله في مجالات مسيئة للغاية، مشيرا الى انها سلاح ذو حدين.
وأضاف الشاوي: كما أن لتلك الأدوات جوانبها المضيئة التي تثري حياتنا ومعارفنا، فإن لديها كذلك جوانب مظلمة. ولا ننكر دور مؤثرين حقيقيين استطاعوا توظيف منصاتهم في تعزيز القيم الاجتماعية والهوية الوطنية فضلا عن إطلاق مبادرات وحملات تخدم قضايا المجتمع والإنسان في كل مكان، ونجحوا في تقديم رسائل نبيلة وذات قيمة تدعو للخير والبذل والعطاء تحت مظلة العمل الإنساني والخدمة المجتمعية.
المصداقية والموضوعية
من جانبه، قال حسن الساعي إن اقتراح تنظيم وتقنين عمل المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، جاء في وقته المناسب للسيطرة على محتوى هذه المنصات وتجنب أي إنفلات.
وأبدى الساعي تأييده اتخاذ اجراءات لتقنين المحتوى الرقمي وتشديد الرقابة على ما يتم نشره عبر المنصات الإلكترونية، بما فيها إلزام المؤثرين بالحصول على «ترخيص» في حال ممارستهم أنشطة إعلانية عبر حساباتهم، قابل للتجديد، لضمان التزام المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي بالمصداقية والموضوعية والمسؤولية خلال موادهم المنشورة في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشار إلى أن التقنين يساعد في حماية المجتمع من التأثيرات السلبية لبعض المؤثرين الذين قد ينشرون معلومات مضللة أو بعيدة عن قيم المجتمع أو يقومون بسلوكيات غير أخلاقية مبينا أن التشريعات تمثل أساساً لحماية القيم المجتمعية من مخاطر السوشال ميديا وضمانة لعدم إساءة استخدامها.
وأكد أن هذا المقترح يتطلب إصدار إطار تشريعي يحدد الحقوق والواجبات، مع الالتزام بمعايير الصدق والشفافية وعدم نشر الأخبار الزائفة أو المحتوى السلبي.
استغلال الحسابات
وقال المهندس عبدالله محمد ان الملاحظ في الآونة الأخيرة هو تزايد استغلال الحسابات لأغراض الترويج والإعلان عن المنتجات المختلفة، بما فيها المقلدة أو المغشوشة، لتحقيق مداخيل عالية، في ظل انتشارها الكبير في أوساط الشباب. وأضاف: بصفتي أحد النشطاء على مواقع التواصل فقد تلقيت أكثر من مرة عروضاً لترويج بعض السلع والمنتجات الموجهة لشريحة الشباب والفتيات، ولكنني رفضت، وهنالك اعلانات يروج لها بعض المشاهير خاصة بالاطفال، أو الميك اب والترويج لأعشاب معينة من دون أي رقابة على تلك المنتجات أو معرفة مصدرها فضلا عن محتواها، مبيناً أنه لابد من وضع آليات لضبط وتقنين التسويق الإلكتروني واستعراض السلع وتزكيتها لمجرد تحقيق الغرض من الإعلان عبر الاتفاق مع الشركة المنتجة أو المستوردة، من دون دراية أو رقابة، لأن تسويق المشاهير خصوصا لمنتجات غذائية لا تخضع للرقابة بهذا الشكل، سيكون له انعكاسات سلبية، سواء على صحة المستهلكين أو حتى على سوق الإعلان المحلي.
مؤكدا ان الشركات واصحاب السلع التجارية يعتمدون على «إنستغرام» وسناب شات لترويج منتجاتهم أكثر من غيرها من المواقع، كونها تمنحهم استجابة سريعة من المستخدمين، كما انهما يضمان أكبر عدد من المتابعين في دولة قطر والمنطقة بشكل عام.