قلبت نتائج دراسة جديد الصورة التقليدية عن مخاطر الطقس الحار رأساً على عقب، بعدما وجدت أن الشباب في المكسيك - وليس كبار السن - هم الذين يموتون بشكل متكرر بسبب التعرض للحرارة. وأُظهر البحث أن 75% من الوفيات المرتبطة بالحرارة تحدث بين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً، وأن العديد من الضحايا هم من الشباب الأصحاء.
وبحسب "ستادي فايندز"، يمثل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا 87% من سنوات العمر المفقودة المرتبطة بالحرارة.
وقال الباحث المشارك في الدراسة جيفري شرادر من كلية المناخ بجامعة كولومبيا في بيان: "إنها مفاجأة. هؤلاء هم الأشخاص الأكثر قوة من الناحية الفسيولوجية في السكان". "أود أن أعرف لماذا هذا هو الحال".
ولعقود من الزمان، ركز العلماء ومسؤولو الصحة العامة جهودهم في حماية كبار السن من الحرارة، معتقدين أنهم الأكثر عرضة لدرجات الحرارة القصوى. الفئة الحساسة ولكن عندما حلل الباحثون سجلات الوفيات في المكسيك، اكتشفوا شيئاً غير متوقع: بين عامي 1998 و2019، شهدت البلاد حوالي 3300 حالة وفاة مرتبطة بالحرارة كل عام، مع حدوث ما يقرب من ثلثها بين الأشخاص من تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً.
والأكثر إثارة للدهشة هو أن الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و70 عاماً، والذين كان يُعتقد أنهم معرضون للخطر بشدة، كان لديهم في الواقع أدنى معدلات الوفيات المرتبطة بالحرارة.
ولفهم هذا النمط، اختار الباحثون دراسة المكسيك لسبب محدد: تحتفظ البلاد بسجلات مفصلة لكل من الوفيات ودرجات الحرارة اليومية لكل منطقة محلية، ما يخلق مجموعة بيانات غنية للتحليل.
ووصف الباحثون هذه الثروة من البيانات باعتبارها مذكرات ضخمة للطقس والصحة تغطي أمة بأكملها، مع إدخالات تمتد لأكثر من عقدين من الزمن، وتتضمن معلومات حول 13.4 مليون حالة وفاة. الحرارة والرطوبة وركز الباحثون على ما يسمى "درجة حرارة المصباح الرطب"؛ وهو قياس يجمع بين الحرارة والرطوبة لإظهار مدى قدرة أجسامنا على تبريد نفسها من خلال التعرق.
وأوضح الباحثون مصدر الخطر بأنه: في يوم جاف وحار، يتبخر العرق بسرعة ويساعد في تبريد الجسم. ولكن في يوم رطب، حتى لو لم يكن الجو حاراً، يكون الهواء ممتلئاً بالرطوبة بالفعل بحيث لا يمكن للعرق أن يتبخر بشكل فعال، ما يجعل من الصعب على الجسم تبريد نفسه بواسطة التعرّق. لماذا الشباب؟ يرجع ارتفاع معدل الوفيات بين الشباب، وخاصة من تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، إلى حد كبير إلى ظروف عملهم.
وقال الباحثون: "هؤلاء هم الأشخاص الأصغر سناً، الذين يقعون في أسفل السلم الوظيفي، والذين ربما يقومون بنصيب الأسد من العمل الشاق، مع ترتيبات عمل غير مرنة". الأطفال ويواجه الأطفال دون سن الـ 5، وخاصة الرضع، تحديات مختلفة
الصغار أجسامهم معرضة للخطر بشكل خاص بسبب تركيبتهم الجسدية: لديهم نسبة أعلى من مساحة السطح إلى وزن الجسم، ما يعني أنهم يمتصون الحرارة بشكل أسرع من البالغين.
كما أن قدرة الصغار على التعرق ــ وهي آلية التبريد الرئيسية في الجسم ــ لم تتطور بشكل كامل بعد. وإضافة إلى ذلك، فإن أنظمتهم المناعية لا تزال في طور النضج، ما يجعلهم أكثر عرضة للأمراض الشائعة في الظروف الحارة الرطبة، مثل تلك التي تنتشر عن طريق البعوض أو المياه الملوثة.
وفي حين ركزت هذه الدراسة على المكسيك، فإن آثارها تمتد إلى ما هو أبعد من حدودها، حيث مع بلدان في أفريقيا وآسيا، وخاصة الدول الزراعية، أو ذات الوصول المحدود لأجهزة التكييف.