قالت «مجموعة الوطني للثروات» إن التخطيط الفعّال لمرحلة التقاعد يعتبر من الخطوات الجوهرية لتحقيق الأمان المالي في المستقبل. ويتجلى أحد أبرز عناصره في إتقان توزيع الاستثمارات على الأصول المختلفة، مما يساهم في تطابق الاستثمارات مع مستويات تحمل المخاطر والأهداف المالية للشخص، حيث يعتمد التوزيع المثالي للأصول على التنويع عبر فئات مختلفة، تشمل الأسهم والسندات والاستثمارات البديلة، للموازنة بين المخاطر والعوائد المحتملة.
وأشارت «الوطني للثروات»، ضمن سلسلة مقالات قيادة الفكر، الى أنه مع اقتراب الأفراد من سن التقاعد، تتغير ديناميكيات تحمل المخاطر لديهم، حيث ينصب معظم التركيز على حماية رأس المال نتيجة تقلص القدرة على التعافي من تقلبات الأسواق.
وفي هذا السياق، تبرز أهمية المراجعات الدورية لتوزيع الأصول، التي تساهم في تحقيق أهداف التقاعد مع إدارة المخاطر بفعالية. وتساهم إعادة تقييم الاستثمارات بشكل منتظم إضافة لإجراء تعديلات دورية بما يتماشى مع تطورات السوق والظروف الشخصية، في منح المتقاعدين فرصة أفضل للإعداد لتقاعد أكثر راحة واستدامة. كما يتيح هذا النهج الاستباقي خلق فرص للنمو المالي حتى بعد التقاعد، مما يعزز الاستقرار المالي للأشخاص.
قيمة الوقت
وأفادت «الوطني للثروات» بأن البدء المبكر في الادخار يشكل عاملاً حاسماً لتعظيم العوائد المالية مستفيداً من الفائدة المركبة التي تتيح للعوائد النمو بوتيرة تراكمية بمرور الوقت. ويمنح هذا النهج المستثمرين الأصغر سناً ميزة تنافسية، حيث يمكنهم تجاوز تقلبات السوق بمرونة بفضل طول مدة الاستثمار نظراً لصغر سنهم.
وبفضل هذا الأفق الطويل، يستطيعون الاستفادة من فترات النمو الإيجابية وتقليل تأثير فترات الركود. ويساهم الادخار المبكر في تعزيز الانضباط المالي وتنمية عادات الاستثمار المستدامة، مما يرسخ أسس الاستقرار المالي.
إستراتيجيات الاستثمار
وبيَّنت المجموعة أنه مع تطور مراحل حياة المستثمرين، تتغير أولوياتهم وإستراتيجياتهم الاستثمارية وقدرتهم على تحمل المخاطر. لذا، يصبح من الضروري إجراء مراجعات دورية وإعادة توزيع محافظهم الاستثمارية لضمان انسجامها مع أهدافهم طويلة المدى:
1 - المستثمرون الأصغر سناً (30 عاماً أو أقل): يتميزون بقدرة أكبر على تحمل المخاطر مع تفضيل الأسهم والأصول الموجهة نحو النمو، للاستفادة من العوائد الطويلة الأجل التي يوفرها الأفق الزمني الممتد.
2 - المستثمرون في منتصف العمر (30 إلى 50 عاماً): تتجه هذه المجموعة لتبني نهج استثماري أكثر توازناً، ويرجع ذلك لتغير نوع المخاطر التي يرغبون في تحملها نتيجة لتغير متطلبات الحياة، مثل شراء المسكن أو التخطيط لتعليم الأطفال.
3 - مرحلة ما قبل التقاعد (50 عاماً فأكثر): مع اقتراب مرحلة التقاعد، يتجه المستثمرون عادة لتبني استراتيجيات أكثر تحفظاً، حيث يركزون على الحفاظ على رأس المال والاستثمار في الأصول المدرة للدخل، بهدف تأمين تدفق نقدي مستدام خلال هذه المرحلة.
الخطة المنهجية
وترى «الوطني للثروات» الخطة المنهجية للاستثمار تعتبر احد الأساليب الفعالة المستخدمة للتخطيط لمرحلة التقاعد، حيث تعتمد على استثمار مبلغ ثابت من المال بشكل دوري، بغض النظر عن تقلبات السوق. وتعرف هذه الإستراتيجية بمتوسط التكلفة بالدولار (شراء دَوْرِيّ بمبالغ ثابتة لأوراق مالية) مما يقلل من تأثير التقلبات السعرية للأسواق على المحفظة الاستثمارية. يساعد استثمار مبلغ ثابت على فترات منتظمة في شراء المزيد من الأصول عند انخفاض أسعارها. كما تساعد هذه الطريقة على تعزيز الادخار المنضبط، وتحول عملية الاستثمار إلى روتين منتظم ضمن بنود الميزانية. وبمرور الوقت، يمكن أن يساهم تأثير العوائد المركبة في تراكم الثروات، مما يجعل هذه الاستراتيجية مثالية للأفراد من مختلف الفئات العمرية، سواء كانوا شباباً أو في منتصف العمر أو حتى كبار السن، حيث تعزز الاستقرار المالي والنمو المستدام.
أهمية المستشار المالي
وذكرت المجموعة أن المستشار المالي يساهم بشكل كبير في تصميم إستراتيجيات استثمار تتسق مع الأهداف الشخصية ودرجة تحمل المخاطر المناسبة لكل فرد، لاسيما للأفراد ذوي الملاءة المالية العالية، الذين يتطلبون إستراتيجيات توزيع استثماراتهم على أصول أكثر تعقيداً. ويأخذ المستشارون في عين الاعتبار مجموعة من العوامل، مثل ظروف السوق، والآثار الضريبية، واحتياجات الدخل المستقبلية لتطوير خطة مالية شاملة.
وتعتبر عملية إعادة التوازن المنتظم للمحفظة من الأمور الجوهرية لضمان توافقها مع أهداف التقاعد. وتشمل هذه العملية تعديل مزيج الاستثمارات بشكل دوري للحفاظ على مستوى المخاطر المطلوب والاستفادة من الفرص السوقية. ويهدف المستشارون إلى زيادة العوائد مع الحد من المخاطر المرتبطة بتقلبات السوق. كما يساهم التواصل المستمر بين المستشارين والعملاء في الحفاظ على بقاء الإستراتيجيات المالية ملائمة ومتجددة بما يتماشى مع التغيرات التي قد تطرأ على ظروف الحياة.
الاعتبارات الرئيسية
1 - التخطيط للنفقات غير المتوقعة، بما في ذلك تغطية الظروف الصحية الحرجة:
يواجه المتقاعدون غالباً تكاليف غير متوقعة، خاصة تلك المتعلقة بالرعاية الصحية. لذلك، يعد توافر احتياطي للطوارئ جزءاً أساسياً من خطة تقاعد مرنة وقابلة للتكيف مع التغيرات.
2 - البدء مبكراً في الادخار:
من المهم أن تبدأ الادخار للتقاعد في أقرب وقت ممكن للاستفادة من الفائدة والعوائد المركبة. حيث يعد تعظيم قيمة المساهمات خلال سنوات العمل من الأمور الجوهرية لتحقيق النجاح المالي المستدام على المدى الطويل.
3 - تنويع مصادر الدخل وإعادة توازن المحفظة بانتظام:
يعتبر الاستثمار المتوازن مفتاح تحقيق نتائج تقاعدية مثمرة، حيث تساعد التعديلات الدورية على المحفظة وفقاً لظروف السوق في ربط إستراتيجياتك مع أهدافك المالية ودرجة تحملك للمخاطر.
4 - خطط لحياة طويلة:
بما أن التقاعد قد يمتد لفترة طويلة تصل إلى 35 عاماً، من الضروري ضمان نمو استثماراتك بشكل مستمر لمواكبة التضخم والحفاظ على القوة الشرائية. لذا، من الحكمة أن تحافظ على استثماراتك في الأصول الموجهة نحو النمو لدعم استقرارك المالي على المدى البعيد.
أبرز النقاط
1 - إستراتيجيات مصممة خصيصاً لاحتياجات العميل:
يجب أن يتم تصميم خطة التقاعد لتتناسب مع الاحتياجات الفردية والأهداف الشخصية وتحمل المخاطر وفقاً للمتطلبات الخاصة بكل مستثمر.
2 - أهمية توزيع الأصول:
يعد التعديل المنتظم لتوزيع الاستثمارات على فئات الأصول المختلفة أمراً جوهرياً لضمان مواءمة الاستثمارات مع الأهداف المالية المتغيرة.
3 - الاستفادة من الوقت لتحقيق النمو:
البدء مبكراً في الادخار يساهم بشكل كبير في الاستفادة من الفائدة والعوائد المركبة، وهي ميزة تنعكس بشكل أكبر على المستثمرين الأصغر سناً.
4 - الاستثمار المنضبط:
اتباع إستراتيجيات مثل متوسط التكلفة بالدولار (شراء دَوْرِيّ بمبالغ ثابتة لأوراق مالية) يساعد في الحد من تأثير تقلبات السوق، ويعزز التزام المستثمرين المساهمة المنتظمة لمحافظهم الاستثمارية.
5 - أهمية المستشارين الماليين:
يقدم المستشارون الماليون إرشادات مهمة لتطوير استراتيجيات تقاعد مصممة لتحقيق الأهداف الفردية لكل مستثمر، خاصة للأفراد ذوي الملاءة المالية العالية.